المَجْلِسُ السادس من مجالس تفسير سورة النور

تفسير الآيات من قوله تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ 32، حتى قوله وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا...33

المَجْلِسُ السادس من مجالس تفسير سورة النور

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا اله الا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم أما بعد فهذا هو المجلس السادس من تفسير سورة النور وقد وقفنا عند قول الله تعالى:

وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)

فلما كانت السورة تنهى عن فاحشة الزنا في أول ما نهى الله تعالى عنه؛ فإن الله تعالى أحاط تلك الفاحشة بسياجات، حتى يسهل على المؤمنين ألا يقعوا في تلك الفاحشة، فأنزل الله تعالى حد الزنا وجعل فيه نكالا وعبرة بشهود طائفة من المؤمنين له

 وأنزل الله حد القذف وآداب الاستئذان وأنزل الله تعالى كذلك آيات غض البصر وآيات ارتداء الخمار للنساء وألا تبدي المرأة زينتها، ثم يقول تعالى:

 (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ)؛ الأيامى جمع أيِّم، وهو الرجل لا زوجة له أو المرأة لا زوج لها، يعني كل رجل بالغ أو امرأة بالغة ليس ذا زوجة أو ليست ذات زوج؛ فهذان يقال عنهما أيم، سواء أعزب أو أرمل أو مطلق، يعني سواء سبق له الزواج أو كان بكرا؛ كلهم أيامى، والرجل يقال له أيم والمرأة يقال لها أيم؛ رجل أيم وامرأة أيم.

 فالله تعالى قال للمسلمين (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ) يعني لا تجدون رجلا أيما ولا امرأة أيما إلا زوجتموهم، حتى تسدوا على النفس باب الفاحشة وباب المعصية، لذا فإن من آداب الإسلام تسهيل أمر الزواج، ففي الحديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: تزوَّجْتُ فاطمةَ رَضِيَ اللهُ عنه، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ابنِ بي، قال: "أَعْطِها شيئًا"، قلتُ: ما عندي مِن شيءٍ، قال: "فأينَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ"؟ قلتُ: هي عِندي، قال: "فأَعْطِها إيَّاهُ". فهذا مهر فاطمة رضي الله عنها وهي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحقيقة عند الحرب من الذي يأخذ الدرع الحطمية يتدرع بها؟! هو علي بن أبي طالب؛ هو الذي ينتفع بالدرع الحطمية، وجهزها النبي عليه الصلاة والسلام وسادة من أدم حشوها إذخر وقيل حشوها ليف وقطيفة وقربة ماء؛ قيل وسرير في رواية ابن حبان وسرير مشرّط فكان هذا جهازها رضي الله عنها.

 ومعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام وهو أبٌ لنساء هذه الأمة لما قال له الرجل يا رسول الله زوجنيها فقال التمس شيئا فقال ما عندي شيء، قال فاذهب فالتمس ولو خاتما من حديد، فلم يجد فجلس فلما ولى دعاه فقال ما معك من القرآن؟ فقال معي سورة كذا وسورة كذا لسور يعددها فقال صلى الله عليه وسلم تقرؤهن عن ظهر قلب قال نعم، فزوجه النبي عليه الصلاة والسلام.

المقصود أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان من مقاصده تسهيل الزواج حتى لا يدع امرءًا أيِّما ولا امرأة أيما كذلك.

(وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ) يعني من الأحرار؛ الرجال والنساء، (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) حتى العبيد الرقيق يأمر ربنا كذلك أن نزوجهم؛ أنكحوا هؤلاء أيضا؛ الصالحين من عبادكم وإمائكم، وكلمة الصالحين هنا ليس لها مفهوم مخالفة، ولكن الله نص على الصالحين على قول بعض المفسرين حتى لا تغتر بصلاحه فتقول هذا العبد صالح فلن يقع في الفاحشة، ويستفاد منه في قول بعض الآباء أنا أثق في بنتي وأثق في ابني ويؤخر زواج الأبناء والبنات، بل الصالحين أولى بأن تُنكحوهم لأنهم يستعفون عن الحرام فافتحوا لهم بابا من الحلال. 

(إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) روى ابن جرير وابن أبى حاتم بإسنادهما عن أبى بكر الصديق رضي الله عنه قال: "أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى"، أطيعوا أمر الله في إنكاح هؤلاء الفقراء والله تعالى يغنيهم من فضله.

 وعبد الله بن مسعود قال "التمسوا الغنى في النكاح"، 

حتى إن عمر ورد عنه أنه يعجب ممن يلتمس الغنى والمال ولا يتزوج. 

 فالله تعالى وعد وعدا حسنا فقال (إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ).

(وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) واسع تأتي بمعنيين؛ واسع الفضل وواسع العلم، فهي هي هنا للفضل؛ وَاسِعٌ يعني واسع العطاء والفضل؛ عَلِيمٌ بأحوال عباده، فيعلم هؤلاء الذين أرادوا أن يستعفوا بالزواج، النبي عليه الصلاة والسلام قال ثلاثةٌ حقٌّ على اللَّهِ عونُهُم: "المُجاهدُ في سبيلِ اللَّهِ، والمُكاتِبُ الَّذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكحُ الَّذي يريدُ العفافَ"

 فالله تعالى عليم بحال هذا الناكح إن هو أراد النكاح من أجل أن يستعف عن الحرام؛ من أجل أن يسد على نفسه باب الحرام، ولذا كان في ابتغاء هذا الحلال أجر؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام "وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ"، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ؟ قالَ: "أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ، أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ".

وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (33)

(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا) فإذا الأمة خالفت -وقد كان- وعسروا عليك النكاح وبالغوا في المهور فلا يزين لك الشيطان أبواب الحرام؛ لا؛ (وَلْيَسْتَعْفِفِ) يعني ليطلب العفة (الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا)، النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث قال: "وإنَّه مَن يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ"، والآية فيها وعد للمستعفين (حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) يعني سيأتي الوقت إن شاء الله تعالى ويغنيهم من فضله ويفتح لهم باب الحلال؛ ولكن الله تعالى يبتلي عباده بما شاء، فيبتليك كرجل أيم أو يبتليكِ كامرأة أيم هل ستطرق أبواب الحرام أم تصبر وتستعف حتى يغنيك الله من فضله، والله تعالى واسع عليم.

 (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) المكاتبة من أحكام الرقيق، والرقيق هو ملك اليمين؛ لو قامت حرب بين المسلمين والكافرين فأسرى العدو يكونون من الرقيق؛ يكونون عبيدا ويكن إماءً عند المسلمين، فهذا سبيل الرق، في زماننا لا رق لأنه لا جهاد مرفوع كراية والمسلمون للأسف مستضعفون ولا رق، لكن هذه من أحكام الرق. 

(وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ) فالعبد الذي يريد العتق ويريد الحرية يقول لسيده كاتبني ويؤدي إليه كل شهر قسطا من ثمنه والسيد يتركه يعمل ويسدد ما عليه من أقساط، فالله عز وجل أمر لو هذا العبد فيه خير -وخيرا يعني مالا- وهنا الله تعالى لم يقل إن علمتم لهم خيرا لأن العبد لا يملك المال بل قال (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) يعني قوة على اكتساب المال.

وأمر الله -تعالى- بالمكاتبة على الوجوب على قول جماعة من الصحابة وهو ظاهر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنس بن مالك حين سأله مملوكه سيرين الكتابة فتلكأ أنس، فقال له عمر: لتكاتبنه أو لأوجعنك بالدرة، وسيرين هو والد محمد بن سيرين.

(وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) يعني لما تكاتبوهم في آخر قسطين أو ثلاثة يحط السيد عنه ما بقى، والمسلمون يخرجون إليهم زكوات أموالهم ويخرجون لهم الصدقات لأن لهم سهم في الزكاة اسمه وفي الرقاب، والصدقة بابها واسع. 

وهنا تثار شبهات على الإسلام فيقال عندكم ملك يمين في الإسلام؟ نقول نعم؛ عندنا ملك يمين لكن لها أحكام جليلة، وتعالى نقارن بين أحكام ملك اليمين في الإسلام جملة وبين أحكام الأسرى في ميثاق الأمم المتحدة، ولا نقول معتقل جوانتانامو في أمريكا وما تسرب منه من تجاوزات على المبادئ التي وضعوها هم، بل نقارن بين ميثاق الأمم المتحدة هل هو أسمى أم تشريعات الإسلام في العبيد والإماء، تشريعات الإسلام أسمى، الرقيق يأكل المسلم من يده ويشرب من يده، فنحن نأتمنه على طعامنا وشرابنا، ومر في آية (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) أن المرأة تأمن هذا الرقيق على زينتها فتبدو أمامه كما تبدو أمام محارمها، ووقت الزواج نزوجه، ولو طلب المكاتَبة يُكاتب ويُعان عليها بمال الزكوات والصدقات، وبعض الكفارات تكون بعتق الرقاب، كل هذا من نظام الإسلام في الأسرى، قارن بين هذا النظام وبين سجون أدعياء حقوق الإنسان تعلم الفرق. 

(وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ممكن في المسلمين بعض المنافقين وعنده إماء يكرههن على البغاء لأجل المال مثلا، فربنا يأمر ولي الأمر أن يتدخل ويتدخل أصحاب الرأي من المسلمين ليمنعوا هذا الرجل من مثل هذا. 

(إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا) ليست شرطا، بل خرجت مخرج الغالب وفيها تزكية للإماء أى غالب حالهن إرادة التحصن والتعفف

 (لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) يعني لا يجوز أن تجمعوا المال بأن تُشيعوا الفاحشة حتى في الإماء؛ حتى في الأسرى.

(وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) لو رجل أكره الأَمة على البغاء -البغاء هو الزنا-، فالرجل عقابه عند الله وأما الأمة (فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) يعني لهن؛ غفور رحيم لهن، لأنها مكرهة. وقرأ ابن مسعود، وجابر بن عبد الله ، وابن جبير ( لهن غفور ) بزيادة لهن.

(وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ) السورة افتتحت بآية (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ) لذلك آية (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ) من الآيات المحورية في سورة النور، يعني تجد مثلا في الصفحة الثانية (وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) هذا ثاني موضع فيه البيان، وهنا هذه الآية (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ) وستأتي الآية 46 (لَّقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ

وفي الآيات 58 و59 و61 كذلك

فسورة النور مليئة بالآيات المبينات الموضحات لأحكام الله تعالى الجليلة العظيمة التي أنزلها في هذه السورة.

(مُّبَيِّنَاتٍ) فيها قراءتان وثلاثة معاني، 

  • قراءة مُّبَيِّنِاتٍ اسم فاعل، 
  • ومُبَيَّنَاتٍ -بفتح الياء المشددة- القراءة الثانية اسم مفعول، 

فتكون قراءة مُّبَيِّنِاتٍ 

  • بمعنى موضِّحَات؛ أي موضِحات للهدى وللرشاد الذي أنزله الله تعالى على عباده، 
  • وأيضا بمعنى بينات؛ بمعنى واضحات، لأن العرب عندهم الفعل بيّن يأتي بمعنى تبيّن يعني يأتي لازما ولا يشترط أن يأتي متعديا؛ يقولون قد بيَّن الصبح؛ يعني قد تبيَّن الصبح، فمبيِّــــنات اسم فاعل لها معنيين موضِحات وواضحات، واضحات أي أن الله فصلها تفصيلا، وموضحات لهدى الله تعالى وأحكام الجليلة وأنه أنزل أحسن الكتاب. أما 
  • قراءة مُّبَيَّنَاتٍ -بفتح الياء مشددة- معناها يعني موضَّحَات يعني أن الله تعالى فصلها تفصيلا ووضحها للناس، 

فهاتان قراءتان في قوله تعالى مُّبَيِّنَاتٍ؛ قراءتان وثلاثة معاني مُّبَيِّناتٍ موضحِات وواضحات، ومُبَيَّنَاتٍ -بفتح الياء المشددة- يعني موضَّحَات.

(وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ) في تفسير أبي السعود قال (مِّنَ) هنا لبيان الجنس، يعني أنزلنا في سورة النور مثلا من مثل أمثال الذين خلوا من قبلكم، من أحكام الله الجليلة والقصص العجيبة، لأننا لما اعتدنا القصص العجيبة في الأمم السابقة لم نعتد على القصص العجيبة كثيرا في أمة النبي عليه الصلاة والسلام، لكن هنا في سورة النور حادثة الإفك؛ القصة الغريبة التي حدثت لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وما كان فيها من تقدير الله أنها غابت عن الجيش بتقدير الله لما فقدت عقدها ثم مرضت شهرا لا تدري ما يقول الناس وانقطع الوحي عن النبي عليه الصلاة والسلام شهرا ثم بكت ليلتين ويومين ثم انقطع رجاؤها من الناس جميعاً وتعلقت بحبل الله فجاءت براءتها من الله.

 فهذا مثل من مثل أمثال الذين خلوا من قبلنا، وكذلك قصة الملاعنة بين هلال بن أمية وزوجته وهو يشكو إلى الرسول عليه الصلاة والسلام والرسول يقول له البينة أو حد في ظهرك؛ حتى أنزل الله تعالى حد اللعان فنجى هلال بن أمية من هذا الحد، والمثل في لغة العرب هو الحال العجيبة؛ فهذا أصل الكلمة. 

(وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ) الذين يريدون أن يتقوا الله تبارك وتعالى فإذا قرؤوا سورة النور سيتقون؛ المرأة التي غرَّها المجتمع والثقافة الغربية وأعرضت عن الحجاب والعفة زمانا فإذا هداها الله تعالى لأحكام سورة النور فإنها إن كانت من المتقين ستتقي ربها، والذي غرته شهوته وساقته إلى فاحشة الزنا أو إلى إطلاق البصر ؛ الزنا الأكبر أو الزنا الأصغر، فإنه إذا قرأ سورة النور وتأدب بآدابها وكان يريد أن يتقي الله تبارك وتعالى فإن هذه السورة موعظة للمتقين.

 سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليه…